كل عمل كبيراً كان ام صغيراً لا تغلفه القيم الاخلاقية والإنسانية ولا يستند عليها ، من الصعب ان نتوقع له الدوام والاستمرار ، أو حتى نتوقع ان يستمر له أثراً يدل عليه !
فهاهى الأمم الكبرى السالفة ، والقوى التى غطت بقوتها سطح الكرة الارضية بدماء البشر ، كالمغول والتتار والنورمانديين وكل غزاة الشمال ، لم يترك منهم أحد لنا أى أثر إلا ذكريات أليمة ، وعلى العكس ، ظلت مظاهر الحضارة المصرية والصينية والهندية ، رافعه هاماتها امام التاريخ والعالم ، كل ذلك لأن حضارة الأمم التى اعتمدت القيم الاخلاقية والإنسانية خلدت واستمرت ، بينما ذهبت آثار كل الحضارات التى قامت على القوة الجسدية او المالية أدراج الرياح !
إذن كل عمل يستند على القيم الاخلاقية نتوقع له جميعا ان يستمر ، أو على الاقل بإذن الله سيكتب له النجاح ولو بعد حين !
وفى ظل ظلمة الفساد الادارى والاجتماعى التى تمر ببلادنا الحبيبة مصر ، اصطفت جماهير الاهلى خلف نور شمعة نجاح الاهلى ، وبالرغم من أن فريق الاهلى لا يملك أفضل المهارات ، ولا هو أحلى كرة قدم بمصر ، ولكن الخليط الرائع بين المهارات المتوفرة مع الاخلاص والرغبة الدائمة فى الفوز مع إدارة تتعامل مع الواقع بأبجديات الإدارة الحديثة ، أنتج كل ما سبق خلطة البطولات التى يحصدها الفريق والنجاح الذى يحققه النادى بصفة عامة ، لأن كل ما سبق يقوم منذ انشاء النادى على احترام القيم والمبادئ ، والاعتراف بفضلها كأساس لأى عمل ، وكأولوية اولى قبل التتويج ، فكان التتويج هو جائزة التمسك بالمبادئ والقيم الاخلاقية قبل الكئوس والدروع ، وكان الاستمرار فى النجاح !!
ولقد كان حصول جمهور النادى الاهلى على جائزة افضل جمهور فريق فى افريقيا هو تتويج آخر وشهادة إفريقية لجهود الجمهور فى استمرار تأييد فريقه على كل الملاعب ، فبرغم خلو مدرجات مباريات الفريق المحلية من نفس الجماهير – وهو تقصير يجب أن نعترف به جميعا تجاه النادى والفريق - إلا ان الجمهور كان واعيا ومدركاً لأهمية تواجده خلف فريقه فى المواجهات الافريقية ، ليس فقط على استاد القاهرة وإنما حتى فى الملاعب الافريقية ، لذا استحق الجمهور الجائزة ، وتحية الكاف وإشادة الاتحاد الدولى !
ولا أظن ان جائزة أفضل جمهور هى أقصى طموح جماهير الاهلى أو هى آخرها ، أو ستمر مناسبة الجائزة بدون البحث عن كيفية تطوير التشجيع وقيام الجمهور بدوره كقدوة لباقى جماهير مصر وإفريقيا ، وتبنى تقديم حلول لكافة مشاكل وآفات التشجيع ، بل وتطبيق كل ما يصل اليه من حلول على نفسه أولا ، وكل ما يعتقد أنها ترسيخ للقيم الاخلاقية خلال تشجيع الفريق او فى كل ما يتصل بعلاقات الجماهير مع بعضها البعض !!
لذا فعلى جماهير الأهلى ان تقدم المثل وأن تكون قدوة لكافة الجماهير ، سواء من خلال تبنى المفاهيم الصحيحة لتشجيع فريقها وكيفية تشجيعه ، أو بالتخلى عن الآفات التى تملأ ملاعب ومدرجات الجماهير اليوم ، ولا يجب ان يكون ذلك مجرد كلام اعلامى او منشور صحفى ، بل يجب ان يتم ذلك من خلال ورقة تضعها الجماهير وتتبناها ، وهى تتقدم صفوف الجماهير ، كى ينتشر التشجيع فى مدرجاتنا وهو فى إطار مزركش من الالتزام بالقيم والمبادئ الاخلاقية المرتكزة على مرجعياتنا الدينية والإنسانية والتخلص من كل لفظ او تصرف او مفهوم خاطئ !
ومن أهم البنود التى يجب ان تتكون منها "وثيقة مبادئ التشجيع المثالى" للجماهير الأهلاوية ، والتى يجب ان تكون وثيقة للعلاقات بين الجماهير كما هى أسلوب للتشجيع الكروى ، ومن هذه البنود المقترحة :
1- تعى جماهير الاهلى وتدرك جيدا ان جهد الفرد لصالح المؤسسة وجزءا هاما منها وليس بالأهلى من يعمل لصالحه الشخصى ، ولا يمكن ان يكون حب الجماهير لهذا الفرد سواء كان الفرد لاعب ماهر او قمة المهارة ، او رئيساً للنادى ، فالحب لأيهم هو جزء من الحب الكبير للنادى ، ولا يمكن فى يوم من الايام ان يكون حب الجماهير للاعب أكبر من حبهم للنادى ، فجمهور الاهلى يعى جيدا ان اللاعب زائل والنادى هو الباقى ، مع عدم اغفال الوفاء لكل من اسدى خدمة للنادى واحترم الجماهير.
2- تشجيع الفريق مهمة حيوية لنجاح الفرق كالتدريب وتنفيذ طريقة اللعب ، لذا على الجماهير ان تحسن اختيار الطريقة التى تحقق الغرض منه أى توصيل التشيع للاعبيها دون أى مساس بلاعبى وجماهير المنافس .
3- يجب ان تكون نظرة الجماهير وتعاملها مع كل لاعبى الفرق المنافسة وجماهيرها بنفس القدر من العدالة والتقدير ، فجميع لاعبى الدورى تمارس الكرة كلاعبى الاهلى وجميع جماهير الكرة فى مصر متساوية فى حب فرقها وتشجيعها ، وعلى جماهير الاهلى ان تتعامل مع كل الجماهير بنفس القدر من الاهتمام والاحترام ، بغض النظر عن رد فعل الجماهير الاخرى ، فالغرض هو قيمة وقدر جماهير الاهلى ولا يجب ان تتحول هذه الجماهير الى غير اسلوب الاحترام مع الجماهير الاخرى او تجرها اى قلة من الجماهير المنافسة للتحول الى البلطجة او تدنى تبادل الالفاظ أو ما شابه ، ولتضع جماهير الاهلى دائما "على القدوة أن يصنع الخير فى اهله وفى غير اهله فإن لم يصادف اهله فجماهير الاهلى هى أهله" .
4- اختيار الفاظ التشجيع يجب ان يرتكز على احترام ومراعاة الآداب العامة وفى نفس الوقت يجب أن تحقق هذه الألفاظ الحماس المستهدف من وراءها للاعبى الفريق .
5- الفوز فى المباراة هدف لكل اعمال التشجيع ، وكذا الفوز باحترام المنافس للاعبين وللجماهير من لاعبى الفريق المنافس وجماهيره يجب ان يكون أحد أهم أهداف الجماهير سواء تقام المباراة على أرض فريقها أو على ملعب الخصم .
6- جماهير الأهلى قدوة فى كل سلوكياتها تجاه كافة عناصر اللعبة ، والتحكيم أحد أهم عناصر اللعبة ، واحترام جماهير الاهلى لحكم المباراة يدفع بباقى الجماهير المنافسة لتقليد جماهير الاهلى وبالتالى تتحسن العلاقة بصفة عامة بين التحكيم وبين الجماهير ويتيح الفرصة للحكم للاهتمام بعمله دون العمل تحت ضغط صراخ وهتافات الجماهير وسبابها له .
7- استخدام وسائل التشجيع المختلفة يجب ان تتم فى ظل حرية تامة للجماهير فى استخدامها كى تحقق الابداع فى التشجيع ، ولهذا يجب إلا تكون هذه الوسائل مخالفة للقوانين واللوائح التى تنظم اللعبة حتى لا تضيع الجماهير جهدها ووقتها فى الاهتمام بوسائل ستكون تحت ملاحقة رجال الامن او تتعرض لعقوبات من اتحاد الكرة ، وبالتالى يصبح جهد الجماهير فى اتجاهات تعارضت مع الهدف منها .
8- حُسن استقبال لاعبى الخصم وجماهيره على ارض جماهير الأهلى هو أحد أهم مظاهر احترام الجماهير المضيفة لذاتها ، فلا يجب ان يكون سلوك جماهير هو رد فعل ، بل عليها ان تقدم النموذج بغض النظر عن سلوك باقى الجماهير .
9- جماهير الاهلى تحافظ على قوة تشجيعها للاعبيها عند الفوز او الهزيمة ، فجماهير الاهلى تتفهم ان كرة القدم مجرد لعبة يؤديها البشر ، أى مباراة قد تكون نتيجتها لأى فريق أحد نتائج ثلاث : فوز / تعادل / هزيمة ، وفريقها لاعبين من البشر ، يتعرضون لكل ما يتعرض له لاعبى الكرة من توفيق او سوء توفيق ، لذا لا يمكن تغيير منهج التشجيع مع كل نتيجة ، انما الهدف هو قيام الجماهير بدورها تجاه الفريق وعدم دفع اللاعبين لليأس لمجرد نتيجة مباراة ، فالمسابقات الطويلة تتطلب طول صبر الجماهير على اللاعبين الذين يبذلون الجهد والعرق والوقت لإسعادهم لذا يجب عدم التوقف عن التشجيع .
10- جماهير الاهلى جماهير ذواقة تحب كرة القدم كلعبة للاستمتاع بها وليست كصراع او منافسة للمنافسة ، لذا فعندما يؤدى الفريق المنافس أداءً جيدا او يصدر عن لاعب منه او حتى من كل الفريق سلوكاً طيباً يتفق مع مبادئ الجماهير وقناعاتها ، فإن هذه الجماهير هى التى تسارع بالتحية والشكر بأسلوبها فى الملعب .
11- جماهير الاهلى نموذج للجماهير الواعية ، التى تثق فى إدارة النادى والإدارة الفنية للفريق ، وتقدر الجهود التى يبذلها كل فرد فى النادى والفريق ، وحتى اذا كان لديها ملاحظات ما على الاداء ، فإن هذه الجماهير تناقش مثل هذه الملاحظات على صفحات منتديات النادى الجماهيرية أو الموقع الرئيسى للنادى ، ولا تجاهر بمعارضتها لأن الغرض هو التصحيح او تفهم الغامض من الأمر وليس تعريض النادى للنقد بسبب ما يظنه البعض ملاحظات أو مآخذ الى ان يتم توضيحها او تفاديها .
12- جمهور الاهلى جمهور قدوة ، هو أول مؤيد وداعم لمنتخب بلاده ، ولا يرى ان تصرف لاعب مهما كان خطأه فى حق الجماهير ، او هفوة مدرب بالمنتخب بتجاوزه عن معاقبة سلوكيات خاطئة لنفس اللاعب ، أن يكون ذلك عذرا او مبررا ليتحول حب هذا الجمهور للمنتخب الى كراهية ، هذا الجمهور الذى يعتبر أن المنتخب مسئوليته كأى جزء هام من مصر لجمهور الاهلى مثله مثل باقى جمهور مصر ، فجمهور الأهلى كان وسيظل يدعم أهداف المنتخب القريبة والبعيدة بكل الوعى بدوره فيها .
13- جمهور الاهلى قدوة لكل جماهير مصر ، فى مبادراته خاصة عند تكريم رموز الكرة المصرية فى مباريات اعتزالها الكرة ، او دعم من يمرض منهم او مشاطرة اهلهم الألم والأحزان فيما يجابهونه من أحكام القدر ، لترسيخ قيم التعاون على البر والتقوى والتأكيد على أن القيم الانسانية جزء لا يتجزأ من الرياضة وأن الوفاء شيمة من شيم الجماهير الواعية .
14- جمهور الاهلى جمهور واعى لا ينقاد لأى استفزاز من الاعلام او يبنى مواقفه على الاشاعات او ما يحاوله البعض للدس بينه وبين الاندية والجماهير المنافسة ، أو بينه وبين الشخصيات العامة ، فالجماهير اوعى من الاعلام ، وإذا تأكد أن وسيلة اعلامية او اعلامى ما يسعى لدفع جماهير الاهلى لسلوك ليس من صفاتها فإنها اول من سيقاطع هذه الوسيلة أو ذلك الاعلامى الذى يسعى للفتنة ولإظهار صورة جماهير الاهلى بأنها تخالف مبادئها او الاساءة الى مصداقيتها .
أتمنى ان تكون مثل هذه البنود وأكثر منها هى ما تتبناه جماهير الاهلى على الدوام ، وربما تقدم الجماهير ما هو أفضل من هذه الصورة حتى ترسل رسالة للجماع بأن حصولها على جائزة أفضل جماهير نادى فى افريقيا لم تكن من فراغ ، بل هى أقل ما تستحقه هذه الجماهير .
وليظل شعارها دوما :
طمـوح الجماهير بلا حـدود
تشــجيع للفريق بـلا توقف